عرب لندن

تصاعدت حدة التوتر داخل أروقة وزارة الخارجية البريطانية بعدما عبّر أكثر من 300 موظف عن قلقهم العميق من احتمال "تواطؤ" الحكومة البريطانية في انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة.

وبحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي" BBC، وجّه الموظفون رسالة في 16 مايو الماضي إلى وزير الخارجية ديفيد لامي، أعربوا فيها عن مخاوفهم من استمرار تصدير الأسلحة لإسرائيل رغم "تجاهلها الصارخ للقانون الدولي"، محذرين من تداعيات ذلك على سمعة المملكة المتحدة واحتمال تعريضهم للمساءلة القانونية في المستقبل.

وأكدت الرسالة، التي تمثل رابع رسالة من نوعها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن الحكومة الإسرائيلية صعّدت من انتهاكاتها، مستشهدة بمقتل 15 عاملًا إنسانيًا في مارس/آذار، وقرار تعليق المساعدات إلى غزة، ما وصفته منظمات إنسانية باستخدام "التجويع كسلاح حرب". كما انتقدت استقبال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في لندن، رغم اتهامات ضده بارتكاب انتهاكات.

وأشارت الرسالة إلى ما اعتبرته "خططًا إسرائيلية صريحة"، بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للنقل القسري لسكان غزة، محذّرة من أن أي عمليات تهجير تمثل خرقًا واضحًا لاتفاقية جنيف الرابعة.

ودعت الرسالة الحكومة البريطانية إلى اتخاذ خطوات عاجلة، تشمل تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وقف مبيعات الأسلحة بالكامل، تعزيز المساءلة الدولية، نشر المشورة القانونية للوزراء، وإطلاق آلية داخلية في وزارة الخارجية تتيح الطعن في السياسات المثيرة للقلق.

وفي رد رسمي مثير للجدل، قال كبار موظفي وزارة الخارجية، السير أوليفر روبنز ونيك داير، إن "الخلاف العميق" مع سياسات الحكومة يجب أن يُقابل بالاستقالة، واصفين ذلك بأنه "مسار مشرّف".

وأثار هذا الرد موجة غضب بين الموظفين الذين اعتبروا أن الإدارة تتجاهل جوهر الاعتراض وتُضيّق هامش النقاش والتعبير عن الرأي داخل الوزارة. 

ونقلت شبكة "بي بي سي" BBC عن أحد الموقعين على الرسالة قوله: "هناك شعور عميق بالإحباط وخيبة الأمل، لأن الرد لا يتناول النقاط الجوهرية بل يلوّح بالاستقالة كخيار وحيد".

وأكدت وزارة الخارجية في بيانها أنها تطبّق القانون الدولي "بصرامة"، مشيرة إلى تعليق نحو 30 ترخيصًا من أصل 350 لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ سبتمبر/أيلول الماضي، بدعوى وجود "خطر واضح" من استخدامها في ارتكاب انتهاكات.

غير أن مؤسسات حقوقية، بينها "الشبكة العالمية للإجراءات القانونية" و"الحق"، تطعن أمام المحكمة العليا باستثناء صفقات تتعلق ببرنامج طائرات "إف-35" من الحظر، وسط تساؤلات عن مدى التزام بريطانيا بالقانون الدولي.

وفي تطور منفصل، كشفت وثائق مسربة لموقعَي "ديكلاسيفايد" و"ديتش" عن إرسال شركة "بيرمويد إندستري" البريطانية أكثر من 16 شحنة تزن أكثر من 100 طن إلى شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية منذ أكتوبر 2023، تضمّنت حاويات يُشتبه في استخدامها لتخزين الذخيرة.

وذكر التقرير أن إحدى الشركات الهندسية في مدينة دورهام صدّرت أكثر من ألف حاوية ذخيرة، في وقت تُتهم فيه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. ويُعتقد أن هذا النشاط يعكس ثغرات خطيرة في نظام مراقبة صادرات الأسلحة البريطاني.

وكانت الحكومة قد أنكرت وجود ما يثبت ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية، قائلة إن المحاكم وحدها هي المخوّلة بذلك، إلا أن رسائل موظفي الوزارة أعادت التذكير بتقرير تشيلكوت حول غزو العراق، الذي حذّر من تجاهل اعتراضات الموظفين على السياسات الحكومية المثيرة للجدل.

وفي السياق، كشف زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين أنه جمع توقيعات 50 نائبًا في البرلمان البريطاني لدعم دعوته لإجراء تحقيق عام مستقل في دور بريطانيا في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة.

السابق غوانتانامو تحت المجهر: محاكمة سرية تكشف تعاونًا بريطانيًا أمريكيًا في التعذيب بعد 11 سبتمبر
التالي مراجعة حكومية توصي بتخفيف شروط تأشيرات لمّ الشمل وخفض الحد الأدنى للدخل